التّدخين والأرجيلة والمعسل
تعتبر الأرجيلة أو الشّيشة إحدى أساليب تدخين التّبغ الشائعة في العديد من مناطق العالم، وهي إحدى الطّرق القديمة التقليديّة لتدخين التبغ في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسّط، ويشيع استعمال الأرجيلة من قبل الكثير من الأشخاص الذين يُقلعون عن تدخين السّجائر ظنّاً منهم أنّها أقل ضرراً بسبب مرور الدّخان في الماء والذي يعمل على تصفيته وتبريده، كما أنّ الدّخان النّاتج عن حرق المعسّل ينتج من درجات حرارة أقل من نظيرتها في دخان السّجائر، ممّا يؤدّي لافتراض اختلاف أنواع السّموم الموجودة فيه عن تلك الموجودة في دخان السّجائر، بالإضافة إلى الاعتقاد أنّها لا تُسبّب الإدمان مثل دخان السّجائر، ويعتقد بهذه الأمور الكثيرون من مدخّني الأرجيلة، الأمر الذي يُشكّل خطورة انتشار تدخينها دون الوعي الصّحيح بأضرارها، ويساعد في تعزيز هذه الاعتقادات وسائل التّسويق لمنتجات المعسّل، والتي يذكر البعض منهم احتوائها على 0.5% نيكوتين و 0% قطران. وفي حين كان استعمال الأرجيلة محصوراً في البالغين في الماضي، إلا أنّه يتزايد حالياً استعمالها من قبل طلاب الجامعات والمراهقين، ويعتبر تدخين الأرجيلة إحدى الممارسات التي تُهدّد الصحّة العامة، وقد أطلقت عليها جمعية الرّئة الأمريكية لقب (الموضة النّاشئة القاتلة)، وفي هذا المقال حديث عن الأضرار الصحيّة لتدخين الأرجيلة.
ما هو المعسّل
المعسّل هو عبارة عن خليط من التّبغ والسكّر والنّكهات التي تشمل العديد من نكهات الفواكه والحلوى، وتعمل هذه الإضافات على جعل تدخين الأرجيلة أكثر قبولاً من الجيل الأصغر والذي يمكن أن يرفض تدخين السّجائر، ويختلف تدخين الأرجيلة عن السّيجارة التي تحتاج ما بين 5-7 دقائق لتدخينها، والتي تتطلّب استنشاق 500-600 ملل من الدّخان عن طريق 10-13 نفثة، بأنّها تحتاج بالمعدل إلى ساعة من التّدخين، تتضمّن حوالي 200 نفثة، بحيث يتعدّى حجم النّفثة الواحدة بالمعدل 500 ملل، أي ما مجموعه 90000 ملل من الدّخان المُستنشَق بحسب الدّراسات التحليليّة، ويرفع تدخين المعسّل من فرصة انتقال الشّخص لتدخين السّجائر، حيث وجدت دراسة أمريكيّة أُجريت على مراهقين أمريكيين من أصول عربيّة أنّ فرصة تدخين السّجائر أعلى بثماني مرّات لدى مدخّني الأرجيلة مقارنة بغيرهم، وقد صرّحت منظمة الصحّة العالميّة أنّ تدخين الأرجيلة الواحدة (200 نفثة للدخان) يُعادل حجم الدّخان النّاتج عن تدخين 100 سيجارة أو أكثر.
السّموم التي يتعرّض لها مدخّنو الأرجية
بخلاف المعتقد السّائد لدى الكثيرين بأنّ الأرجيلة لا تعتبر قاتلة مثل السّجائر، وضّحت الأبحاث الحديثة أنّها تحمل نفس المخاطر الصحيّة، وأنّها تُسبّب التّعرض إلى عدد كبير من المواد السّامة، حيث يتعرّض مُدخّن الأرجيلة مقارنة بدخان السّيجارة الواحدة إلى 1.7 ضعف من النّيكوتين الذي يُعتبر مادة إدمانيّة، و8.4، وضعف من أول أكسيد الكربون الذي يعتبر أحد سموم التّدخين التي تُقلّل من قدرة الدم على حمل الأكسجين، و36 ضعف من القطران، ويجب الأخذ بعين الاعتبار معدل تدخين مُدخّن السّجائر مقارنة بمعدل تدخين مُدخّن الأرجيلة لمقارنة السّموم التي يتعرّض لها كلّ منهما، والمقصود من هذا التّوضيح أنّ مُدخّن الأرجيلة يتعرّض بالنّتيجة إلى كميّات عالية من السّموم. وقد وجدت بعض الأبحاث الأوليّة أنّ الشّخص الذي يُدخّن الأرجيلة مرّة واحدة في اليوم يُنتج كمية من النيكوتين في البول مشابهة لمن يُدخّن 10 سجائر في اليوم، في حين وجد أول أكسيد الكربون في هواء الزّفير بتركيز 30 جزء في المليون، والذي يتفوّق على ما ينتجه دخان السّيجارة الواحدة بخمس مرات. ومع عدم وجود دراسات كافية، إلا أنّ الدّلائل العلميّة تشير إلى تعرّض مُدخّني الأرجيلة لعدد كبير من السّموم الأخرى المسرطنة والمعادن الثّقيلة. ووجد في دخان الأرجيلة بعض السّموم الموجودة أيضاً في دخان السّجائر، مثل الألدهيدات التي تشمل الفورمالديهايد (Formaldehyde)، والأسيتيل ديهايد (Acetaldehyde)، والأكرولين (Acrolein)، كما يحتوي دخان التّبغ (من الأرجيلة والسّجائر) على النّظير 210Po الذي يوصل جرعات عالية من الإشعاع القوي إلى داخل جسم المُدخّن مُعرّضاً إيّاه إلى السّموم الإشعاعيّة، وعلى الرّغم من أنّ تركيز هذا النّظير في دخان بعض أنواع تبغ المعسّل يُعتبر أقلّ منه في تبغ دخان السّجائر، إلّا أنّ نسبته في دخان الأرجيلة لا يزال عالياً (> 39%). ولا يوجد حالياً دلائل علميّة كافية لدعم فكرة أنّ مرور الدّخان في الماء تُقلّل من سُميّة المواد الموجودة فيه، ويُعتبر مُبرِّر تعرّض المعسّل لدرجات حرارة أقل من تلك التي يتعرّض لها التّبغ في الدّخان (حوالي 450 درجة مئويّة في الأرجيلة مقابل 900 درجة مئوية في السّجائر) والذي قد يجعل من المواد السّامة الموجودة في دخان الأرجيلة أقلّ ضرراً في تكوين التغيّرات الجينية الضّارة (الطّفرات) أكثر منطقيّة، ولكن يمكن ضحد هذا المبرر بأن ذلك إن كان صحيحاً بالنّسبة للسّموم النّاتجة من المعسّل، فهو بالتّأكيد ليس صحيحاً بالنّسبة للمواد السّامة التي تنتج من الفحم، وفي النّقاش عن كون الماء أو درجات الحرارة الأقل قد تجعل من سموم الأرجيلة أقلّ خطورة، يكفي ذكر أنّ تدخين الأرجيلة الواحدة ينتج عنه 8.4 ضعف من أول أكسيد الكربون، و36 ضعف من القطران، إضافةً إلى أكثر من 50 ضعف من كميّات بعض المواد المسرطنة والمعادن الثّقيلة مثل الرّصاص والكوبالت، بالإضافة إلى حقيقة أنّ احتراق الفحم يُشكّل مصدراً آخرَ للسّموم، مثل أول أكسيد الكربون، والمعادن الثقيلة، والمواد المسرطنة. ولا يقتصر التّعرض بالسّموم النّاتجة من دخان الأرجيلة على المستخدم وحده، حيث إنّ الأشخاص المحيطين به هم أيضاً في عرضة لهذه المواد، وقد وجد في دخان الأرجيلة مواداً سامّة على القلب والرّئتين بدرجات تصل إلى تلك التي ينتجها دخان السّجائر، ممّا يجعل من التّعرض لدخانه من قبل المحيطين بالمدخّن خطراً صحيّاً.
أضرار المعسّل ودخان الأرجيلة على الصحة
من الأضرار النّاتجة عن التّدخين بشكل عامّ، والمعسّل بشكل خاصّ ما يأتي: لا يوجد الكثير من التّركيز في الأبحاث العلمية على أضرار الأرجيلة كما تم التّركيز على دخان السّجائر، ولكن وجدت العديد من الدّراسات أنّ مدخني المعسّل، كمدخّني السّجائر، في خطر أكبر لإدمان التّبغ، والإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة، والسّرطان. الإدمان على التّبغ والنّيكوتين: حيث إنّ احتواء دخان المعسّل على النّيكوتين يجعل منه مادة إدمانيّة، فعلى الرّغم من أنّ مرور الدّخان في الماء قد يخفض قليلاً من كميّة النّيكوتين، إلا أنّ الكميّة التي تبقى في دخان الأرجيلة كافية لتُسبّب الإدمان، ويفيد الكثير من مُدخّني الأرجيلة إدمانهم وعدم قدرتهم على الإقلاع عنها بسهولة، وفي إحدى الدّراسات الأمريكيّة وُجِد أنّ نسبة 12.9% من مدخّني الأرجيلة مدمنون عليها، وعلى الرّغم من ذلك تشير الدّلائل إلى أنّ قدرة مُدخّني الأرجيلة على الإقلاع عنها هي أكبر من قدرة مُدخّني السّجائر، وتشمل مؤشرات إدمان الأرجيلة وجود الأعراض الانسحابيّة فيمن يتمّ قطعهم عنها، والتي تزول بالعودة إلى تدخينها. يرفع تدخين المعسّل من خطر الإصابة بأمراض القلب والشّرايين والعديد من الأمراض التّنفسية والسّرطان، مثل سرطان القصبات الهوائيّة، وسرطان الرّئة، وسرطان المثانة، وسرطان الأنف والبلعوم، وسرطان المريء، وسرطان الفم، وغيرها من الأمراض. وقد وُجِد أنّ تدخين الأرجيلة وتدخين السّجائر يرفعان من مستوى البروتين (Carcinoembryonic antigen) المحفز لتكّون الأورام، كما أنّ تدخين الأرجيلة يرفع من مؤشر (Micronucleus frequency)، وهو أحد المؤشّرات المُستخدمة في التّحديد المُبكّر لتكّون السّرطان. يُشكّل تدخين الأرجيلة خطراً على صحّة الأسنان ويرفع من خطر الإصابة بأمراض اللّثة.[٢] يُشكّل تدخين الأرجيلة خطراً على صحّة الأجنّة، وبحسب استنتاجات منظّمة الصحّة العالميّة، يُعتبر تعرّض الحوامل والأجنة لدخان الأرجيلة وسمومها أكثر خطراً من غيرهم، سواء كان هذا التّعرض بالتّدخين المباشر أو السلبيّ، حيث وُجِد أنّ تدخين الأرجيلة يرتبط بانخفاض وزن المواليد، كما أنّ تدخين التّبغ يرفع من خطورة خسارة الحمل، والولادة المُبكّرة، وبعض التشوّهات الخلقيّة، وبعض المشاكل في المشيمة. يرفع التّدخين خلال الحمل من المخاطر التي يمكن أن تُصيب الطّفل بعد الولادة، مثل متلازمة موت الرّضيع المفاجئ، والمغص، والرّبو، والسّمنة خلال مرحلة الطّفولة، كما يمكن أن يضرّ التّدخين خلال الحمل بتطوّر المهارات العاطفيّة، والسّلوك، والقدرة على التّعلم لدى الطّفل، كما أنّه يُمكن أن يؤثّر على خصوبة الطّفل في المستقبل، بالإضافة إلى ذلك، يرفع التّدخين السلبيّ من خطورة الإجهاض، وانخفاض وزن المولود، وإصابته بالتشوّهات الخلقيّة، ولذلك يجب الإقلاع عن التّدخين لمنح الجنين حقّه في بداية حياة صحيّة. يرفع تدخين الأرجيلة من خطر العقم، فيُقلّل من خصوبة كلّ من الرّجال والنّساء، كما أنّه يرفع من خطر الحمل خارج الرّحم. نظراً لأنّ تدخين الأرجيلة يعتبر عادة اجتماعيّة يتم فيها تشارك أرجيلة واحدة بين عدة أشخاص، يرفع تدخين الأرجيلة من خطر انتشار أمراض العدوى ، مثل مرض السّل، والكبد الوبائي وغيرهما. يُسرّع التّدخين من شيخوخة الخلايا، ويُفاقِم تكوّن التّجاعيد، لأنّ النّيكوتين يُسبّب تضيّقاً في الأوعية الدمويّة المُغذّية للجلد، ويُقلّل من وصول الأوكسجين والمُغذّيات التي تحتاجها البشرة، مثل فيتامين (أ)، كما يحتوي دخان التّبغ على أكثر من 4000 مادة تعمل على تدمير الكولاجين والإيلاستين في الجلد، واللّذان يمنحان البشرة القوّة والمرونة، وبالتّالي يُسبّب ذلك الظّهور المُبكّر للتّجاعيد.
منقول من موقع موضوع
عبر مدونة معلوماتكم
Post a Comment